مباحث لغوية عن الحديا





باسمه تعالى

المباحث اللغوية عن

الحُـــدَ يَّـــا

 

الحُدَيّا : هو الطائر المعروف بالحِدَأة ، نوع من الجوارح معروف ، تنقَضُّ على الجرذان والدواجن والأطعمة واللحوم ونحوها ، وربما خطفت أشياء الناس ، وتمتاز بنظرها الثاقب، وسرعة طيرانها مما يتيح لها سرعة الانقضاض .


ورد ذكرها بهذا الاسم (الحُدَيَّا) في الحديث في موضعين :

(1) في قصة الوِشَاح مع المرأة السوداء :

وهو ما أخرجه البخاري في كتاب مناقب الأنصار من حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: " أَسْلَمَتِ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ لِبَعْضِ العَرَبِ وَكَانَ لَهَا حِفْشٌ فِي المَسْجِدِ، قَالَتْ: فَكَانَتْ تَأْتِينَا فَتَحَدَّثُ عِنْدَنَا، فَإِذَا فَرَغَتْ مِنْ حَدِيثِهَا قَالَتْ:

وَيَوْمُ الوِشَاحِ مِنْ تَعَاجِيبِ رَبِّنَا ... أَلاَ إِنَّهُ مِنْ بَلْدَةِ الكُفْرِ أَنْجَانِي

فَلَمَّا أَكْثَرَتْ، قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: وَمَا يَوْمُ الوِشَاحِ؟ قَالَتْ: خَرَجَتْ جُوَيْرِيَةٌ لِبَعْضِ أَهْلِي، وَعَلَيْهَا وِشَاحٌ مِنْ أَدَمٍ، فَسَقَطَ مِنْهَا، فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِ الحُدَيَّا، وَهِيَ تَحْسِبُهُ لَحْمًا، فَأَخَذَتْهُ فَاتَّهَمُونِي بِهِ فَعَذَّبُونِي، حَتَّى بَلَغَ مِنْ أَمْرِي أَنَّهُمْ طَلَبُوا فِي قُبُلِي، فَبَيْنَا هُمْ حَوْلِي وَأَنَا فِي كَرْبِي، إِذْ أَقْبَلَتِ الحُدَيَّا حَتَّى وَازَتْ بِرُءُوسِنَا، ثُمَّ أَلْقَتْهُ، فَأَخَذُوهُ، فَقُلْتُ لَهُمْ: هَذَا الَّذِي اتَّهَمْتُمُونِي بِهِ وَأَنَا مِنْهُ بَرِيئَةٌ " .


(2) في حديث الخمس الفَواسق :

وهو حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " خَمْسٌ فَوَاسِقُ، يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْحَيَّةُ، وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْحُدَيَّا " . متفق عليه . وفي الباب عن ابن عمر .

 وقد وقع في بيان أصله واشتقاقه في كتب شروح الأحاديث (المطبوعة) وغيرها تصحيفات وتحريفات ، وينقل عنها المتأخرون بدون مراجعة الأصول فيَشيع الغلط وينتشر ، فأحببت أن أنبّه عليها وأذكر الصوابَ بعد مراجعة كتب اللغة وغريب الحديث ، فإليكم هذه التنبيهات :


التنبيه الأول : اختلاف روايات الحديث في ذكر كلمة (الحُدَيَّا) :

(1) "الحُدَيَّا" على وزن الثُّرَيَّا بِضَمِّ أَوَّلِهِ وفتح الدال وَتَشْدِيدِ الياء التَّحْتَانِيَّةِ بصيغة التصغير مَقْصُورٌ : قيده الأصيلي راوي البخاري في آخر حديث السوداء ، ووقع فِي بَدْءِ الْخَلْقِ مِنْ حَدِيثِ عائشة أيضا  بِلَفْظِ "الْحُدَيَّا" . وذكره البُخَارِيّ فِي الصَّلَاة وَالسِّير فِي حَدِيث السَّوْدَاء غير مَهْمُوز ، وَكَذَا ذكره مُسلم فِي كثير من طرقه مضموم الْحَاء على وزن فُعَيلى كما في رواية هشام بن عروة عن أبيه ، وكذا في حديث ابن عمر من طريق زيد بن جبير . [مطالع الأنوار على صحاح الآثار 2/241، مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/184، فتح الباري لابن حجر 4/38 ] .

(2) "الْحُدَيَّاة" بِالتَّاءِ غير مَهْمُوز مشدد الْيَاء مَفْتُوحَة ، كذا قيده الأصيلي في أول حديث السوداء [مطالع الأنوار على صحاح الآثار 2/241، مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 184] .

(3) "الحُدَيْئة" كالتُّمَيْرَةُ بالتصغير وهو بسُكُون الْيَاء وهمزة بعدها ، كذا رواه الأصيلي وغيره في أيام الجاهلية [مطالع الأنوار على صحاح الآثار 2/241، مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/184] .

(4) "الْحِدَأَةُ" بِكَسْر الْحَاء وَفتح الدَّال والهمز وِزِيَادَةِ هَاءٍ بِلَفْظِ الْوَاحِدَةِ وَلَيْسَتْ لِلتَّأْنِيثِ ، بَلْ هِيَ كَالْهَاءِ فِي التَّمْرَةِ ، هكذا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ .[ فتح الباري لابن حجر 4/38]

(5) "الحِدَأ" بِكَسْر الْحَاء وَفَتْحِ الدال بَعْدَهَا هَمْزَةٌ بِغَيْرِ مَدٍّ ، هكذا جَاءَ فِي بعض طرقه فِي الصَّحِيحَيْنِ. [مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/184، فتح الباري لابن حجر 4/38]


التنبيه الثاني : اشتقاق الوجوه الخمسة المذكورة :


(1) "الحُدَيَّا" على وزن الثُّرَيَّا بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ الياء التَّحْتَانِيَّةِ مَقْصُورٌ مصَغَّر :

القول الأول : الحُدَيَّا: تصغير حِدَأَة، فلما صُغِّرَتْ صارت حُدَيْئَةَ، فقُلبت الهمزة ياء فصارت: حُدَيَّةَ - بياء مشددة - ثم حذفت التاء وأقيمت الألف مكانها؛ لأن الألف تدل على التأنيث مثل: حُبْلَى. [المفاتيح في شرح المصابيح 3/351] .

القول الثاني : نفس الوجه السابق بالتصغير إلى (حُدَيْئَةَ) ثم تسهيل الهمزة وإدغامها في الياء فأصبحت (حُدَيَّةَ) ، ثم حذفت التاء وأقيمت الألف مكانها للإشباع .  [الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري 13/218] .

القول الثالث : الحُدَيَّا تصغير الحِدَوّ ، وهي لغة أهل الحجاز في (الحِدَأ) بصيغة التذكير من (الحِدَأة) . قال المُطَرِّزي في "المُغرِب في ترتيب المعرَب" (1/105) : وَرَوَى الْبُخَارِيُّ "الْحُدَيَّا" تَصْغِيرُ الْحِدَوِّ : لُغَةٌ فِي الْحِدَأ . وفي "تهذيب اللغة" للأزهري (5/121) : والحُدَيَّا تَصْغِير الحِدَوْ ، لغة في الحِدَأ .

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : "لَا بَأْسَ بِقَتْلِ الْحِدَوِّ وَالْإِفْعَوِّ لِلْمُحْرِمِ " بتشديد الواو ، وَمِنْهُ حَدِيثُ لُقمان : «إِنْ أرَ مَطْمَعِي فَحِدَوٌّ تَلَمَّعُ» أَيْ تَخْتَطِف الشيءَ فِي انِقضاضها. والحِدَوُّ: هِيَ الحِدَأة بلُغة مَكَّةَ. [المُغرِب في ترتيب المعرَب 1/105، النهاية في غريب الحديث والأثر 4/271، مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/184] .

ورواه بعضهم بلفظ : "لَا بأْسَ بقَتْلِ الحِدَوْ والإفْعَوْ" بسكون الواو . قال أبو الحسين ابن سراج: هي على مذهب الوقف على هذِه اللغة ، قلب الألف واوًا على لغة من قال: "حِدَا" -يعني بإبدال الهمزة ألفا- وكذلك أفعا . [النهاية في غريب الحديث والأثر 4/271، تاج العروس 1/188] .

وَعَنْ أَبِي حَاتِمٍ السِّجِستاني : أَهْلُ الْحِجَازِ يَقُولُونَ لِهَذَا الطَّائِرِ :"الْحُدَيَّا" وَيَجْمَعُونَهُ "الْحَدَاوِي" ، قَالَ : وَكِلَاهُمَا خَطَأٌ. [المغرب في ترتيب المعرب 1/ 105]

 القول الرابع : أنه اسم للحِدَأة وُضع على صيغة التصغير . كما في "الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري" (13/218) .

القول الخامس : أَنْكَرَ ثَابِت بن قاسم السَّرَقُسطي فِي "الدَّلَائِلِ في غَريب الحديث" هَذِهِ الصِّيغَةَ أي (الحُدَيَّا) تصغير (الحِدَأة) ، وَقَالَ : صواب تصغيره إما أن يكون :

1- حُدَيْئة كتُمَيْرَةُ : بضم الحاء وفتح الدال وسكون الياء وبِهَمْزَةٍ وَزِيَادَةِ هَاءٍ .

2- أو حُدَيَّة على مثال عُليَّة : بإلقاء حركة الهمزة على الياء وتشديدها  . قال : ويجوز أن تقول في تذكير (حُدَيْئة) : حُدَيءٌ ، وفي تذكير (حُدَيَّة) : حُدَيٌّ .

وأما رواية: (الحديا)؛ فقال ثابت: صوابه: الهمز على معنى التذكير[يعني حُدَيء]. ومعنى كلام ثابت : كأن الكاتب رسمه بالألف (الحُدَيْا) على صيغة التذكير بدون همز وهو يريد (الحُدَيْأ) ، فقُرئت : الحُدَيَّا بالتشديد . لكن فيه نظر فإن رواية الحديث بتشديد الياء وإثبات الألف كما قال ابن التين .[ التوضيح لشرح الجامع الصحيح 5/511]

وبيّن الشراح أيضا نقلا عن ثابت بن قاسم أن (الحُدَيَّا) ليست من هذا الباب ، وإنما هي من التحدِّي .

قال ثابت بن قاسم : "الْحُدَيَّا" مِنَ التَّحدِّي، يُقَالُ: فُلَانٌ يَتَحدَّى فُلَانًا، أَيْ يُبَارِزُهُ وَيُنَازِعُهُ الْغَلَبَةَ، وَتَقُولُ: أَنَا حُدَيَّاكَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ، أَيْ: أُبْرُزُ إِلَيَّ وَجَارِنِي فيه ، كما قَالَ الشاعر :

أَلَا إِنَّا حُدَيَّا النَّاسِ طُرًّا ... نُقَارِعُهُمْ بَنِيهِمْ عَنْ بَنِينَا

قَالَ ثابت : وفِي حَدِيثِ طَلْحَةَ بن عبيد الله : " وَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا شَرَبَةَ السَّوِيقِ، أَنَا حُدَيَّاكُمْ صِرَاعًا، فَقَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: لَيَقُوَمَنَّ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْكُمْ، أَوْ لَأَقُومَنَّ إِلَيْهِ  " .

وفي "المقصور والممدود" لأبي علي القالي (ص: 262) :

وقال أبو بكر بن دريد: قولهم: أنا حُدَيَّا الناس أي أتعرَّض لهم وأتحدَّاهم.

وفى "العين"للخليل : الحُدَيَّا من التحدِّي ، يقال : فلان يتحدى فلانًا أي يُبارِيه ويُنازعُه الغَلَبةَ .

وفي "المعجم الوسيط" (1/ 162) : (الحُدَيَّا) الْمُنَازعَة والمباراة ، وَمن النَّاس : واحِدُهم ، وَيُقَال : "هَذَا حُدَيَّا هَذَا" : نِدُّه وَنَظِيرُه ، "وَأَنا حُدَيَّاك بِهَذَا الْأَمر" : مُبَارِيكَ الوحيدُ فابرُزْ لي وَحدَك .


(2) "الْحُدَيَّاة" بِضمّ الحاء وفتح الدال وتشديد الْيَاء مَفْتُوحَة بعدها ألف وتاء :

كذا قيده الأصيلي في أول حديث السوداء [مطالع الأنوار على صحاح الآثار 2/241، مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 184] .

قال في "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (5/511) :

قولها: (فمرت حُدَيَّاة) هو تصغير حِدَأَة كعِنَبة، والجماعة حِدَأ كعِنَب، وهو هذا الطائر المعروف. قال ابن التين: والصحيح أنه [أي حُدَيَّاة] تصغير حِدَأة، ولعل الكاتب صوَّر الهمزة ألفا [يعني كتبها هكذا : حُدَيأة] ، وإن كان من حقها أن لا تصوَّر ألفا؛ لأنها همزة مفتوحة، قبلها ساكن، مثل: {وَاسْئَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82] وإن كان سَهَّل الهمزَ فحقه أن تكون (حُدَيَّة) بغير ألف، قال: ورَوَيناه بتشديد الياء وإثبات الألف.

وفي "فتح الباري " (1/534) : وَالْأَصْلُ فِي تَصْغِيرِهَا : حُدَيْأَةٌ بِسُكُونِ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْهَمْزَةِ لَكِنْ سُهِّلَتِ الْهَمْزَةُ وَأُدْغِمَتْ ثُمَّ أُشْبِعَتِ الْفَتْحَةُ فَصَارَتْ أَلِفًا .

وفي " إرشاد الساري " للقسطلاني (1/ 436) : (حُدَيَّاة) بضم الحاء وفتح الدال المهملتين وتشديد المثناة التحتية ، والأصل حُدَيأة بهمزة مفتوحة بعد الياء الساكنة لأنه تصغير حِدَأة بالهمز بوزن عِنَبة، لكن أبدلت الهمزة ياء وأدغمت الياء في الياء ثم أشبعت الفتحة فصارت ألفًا .


(3) "الحُدَيْئة" كالتُّمَيْرَةُ بالتصغير وهو بسُكُون الْيَاء وهمزة بعدها :

كذا رواه الأصيلي وغيره في أيام الجاهلية [مطالع الأنوار على صحاح الآثار 2/241، مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/184] .

وهو تصغير (الحِدَأة) على القياس ، كما مرَّ في كلام ثابت وغيره . وربما يكتبونها بالألف هكذا : الحُدَيْأة.


(4) "الْحِدَأَةُ" بِكَسْر الْحَاء وَفتح الدَّال والهمز وِزِيَادَةِ هَاءٍ بوزن عِنَبَة :

هكذا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ ، والهاء فيه ليست للتأنيث، بل هي للوَحدة كَالْهَاءِ فِي التَّمْرَةِ.[ فتح الباري لابن حجر 4/38]


لغات أخرى في (الحِدَأة) :

1- (حِدْأة) في "إرشاد الساري" للقسطلاني (3/303) : أنّ في فرع اليونينية (الحِدْأة) بسكون الدّال .اهـ

وفي "تصحيح الفصيح وشرحه" (ص: 294) :  (الحِدَأة) فيها لغات:  فمنهم من يسكن الدال في الواحد خاصة -يعني الحِدْأة-.

2- (حِدَوَة) قال ابن حجر في "الفتح" (4/38) : وحكى الأزهريّ : "حِدَوَة" بواو بدل الهمزة. اهـ

3- (حَدَأة) بفتح الحاء . قَالَ أَبُو بكر بن الأنْبَارِيّ : الحِدَأُ جمع الحِدَأَةِ، وَرُبمَا فتحُوا الْحَاء فَقَالُوا : "حَدَأَةٌ " وَالْكَسْر أجْود. وَقَالَ : "الحَدَأ" : الفُؤُوس، بِفَتْح الْحَاء.[تهذيب اللغة 5/121] .

وفي "تاج العروس" (1/ 188) : (الحِدَأَةُ) كَعِنَبَةٍ ، قَالَ الْجَوْهَرِي والصاغاني: وَلَا تقل (الحَدأَة) بِالْفَتْح.

وَنقل أَبو حَيَّان فِيهِ الفَتْح عَن الْعَرَب، وَنقل شُرَّاح "الفَصيح" عَن ابْن الأَعرابي أَنه يُقَال {حَدَأَة،وحَدَأ}-بالفتح فيهمَا- للفأْس وللطائر جَمِيعًا، وَحَكَاهُ ابنُ الأَنبارِيّ أَيضاً، وَقَالَ: الْكسر فِي الطَّائِر أَجود.

4- (حَدَاة) بفتح الحاء وإبدال الألف من الهمزة . قال الخطَّابي في "غريب الحديث" (3/244) :  قوله صلى الله صلى عليه وسلم: "خمسٌ لا جُناح على مَن قتلهنَّ في الحل والحرم" فذكر الحِدَأَة، والعامة يقولون: الحَدَاة، مفتوحة الحاء ساكنة الألف، وإنما هي الحِدَأَة مكسورة الحاء مهموزة. اهـ

وفي "تصحيح الفصيح وشرحه" (ص: 294) : والعامة تقوله: (الحَدَاة) بفتح الحاء وإبدال الألف من الهمزة، على مثال القَطَاة. وذلك خطأ.

5- (حِدَوْ) وهي لغة أهل مكة ، وقد مر تفصيله .


صيغ جموع (الحِدَأة) :

1- (حِدَأ) بكسر الحاء وفتح الدال وهمز بدون مد . هذا هو المشهور الذي ذكره أكثر أهل اللغة . جاء في "المقصور والممدود" لأبي علي القالي (ص: 279) : هذا باب ما جاء على مثال فِعَل من المقصور المهموز من الأسماء : والحِدَأ بكسر الحاء وفتح الدال ، جمع حِدَأة على مثال فِعَلة وفِعَل: الطائر الذى يشبه الرَّخمة ، ويقال : حِدآن  أيضا.اهـ

وفي "مقاييس اللغة" (2/35) : (حدأَ) الْحَاءُ وَالدَّالُ وَالْهَمْزَةُ أَصْلٌ وَاحِدٌ: طَائِرٌ أَوْ مُشَبَّهٌ بِهِ. فَالْحِدَأَةُ الطَّائِرُ الْمَعْرُوفُ، وَالْجَمْعُ الْحِدَأُ . قال : وَمِمَّا يُشَبَّهُ بِهِ وَغُيِّرَتْ بَعْضُ حَرَكَاتِهِ : الْحَدَأَةُ ، شِبْهُ فَأْسٍ تُنْقَرُ بِهِ الْحِجَارَةُ .اهـ

وفي "مشارق الأنوار على صحاح الآثار" (1/184) : ذكر فِي حَدِيث الفواسق (الحِدَأة) بِكَسْر الْحَاء وَفتح الدَّال والهمز مَقْصُور ، ولَا يُقَال إِلَّا بِكَسْر الْحَاء . وَقد جَاءَ فِي بعض طرقه فِي "الصَّحِيحَيْنِ" (الْحِدَأ) مقصور مَهْمُوز بِغَيْر تَاء ، وَهُوَ جمع حِدَأة أَو على قصد التَّذْكِير .اهـ

وفي "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (4/207) : والحدأة، بكسر الحاء مهموز، والجمع حِدأٌ مقصور مهموز، وكذا جاء فى بعض الروايات، وقد يكون مفرداً يراد به المذكر.اهـ

وفي "جمهرة اللغة" (2/ 1107) : والحَدَأ: جمع الحَدَأة، وَهِي الفأس. قَالَ الشَّاعِر: نواجذُهنّ كالحَدَإ الوقيعِ . والحِدَأة جمعهَا حِدَأ، وَهُوَ هَذَا الطَّائِر الْمَعْرُوف.اهـ

2- (حَدَأ) بفتح الحاء . قَالَ أَبُو بكر بن الأنْبَارِيّ : الحِدَأُ جمع الحِدَأَةِ، وَرُبمَا فتحُوا الْحَاء فَقَالُوا : "حَدَأَةٌ وحَدَأ" مثل قَصَبة وقَصَب ، وَالْكَسْر أجْود.[تهذيب اللغة 5/121] .

3- (حِدَاء) بالمد ككِتاب ، في "ذخيرة العقبى في شرح المجتبى" (24/393) :

وحكى صاحب "المحكم" (3/406) المدَّ في الجمع نُدورًا -أي الحِدَاء- وأنشد لكثيِّر عَزَّة:

لكَ الويلُ من عَيْنَي خُبيبٍ وثابتٍ ... وحمزةَ أشباهِ الحِدَاءِ التَّوائمِ

4- (حِدْآنٌ)  حكاه صاحب "المحكم" (3/406) في الجمع أَيْضا. وفي "تاج العروس" (1/188) : ويجمع على (حِدْآن) بالكَسْرِ، أَورده ابنُ قُتَيْبَة .

5- (أحدِية) قال الصَّفَدي في "تصحيح التصحيف وتحرير التحريف" (ص85) : ويقولون لجمع الحِدَأةِ: (أحدِيَة). والصواب: حِدأ ، وثلاث حِدْآت.

6- (حِدّان) قال الصفدي : وقرأت في كتاب "أدب الكاتب" في جماعة الحِدَأة: (حِدْآنٌ) ، فردّ عليّ أبو عليّ: (حِدّان) بتشديد الدال، فراجعته وقلت: إنّ التشديد لا أصلَ له، فقال: هو من الجمع الشاذّ. قال: ولا أحسِبُ الذي ذكَرَهُ إلا غلَطاً.

7- (حَدَاوِي) جاء في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (4/ 196) : وَأهل الْحجاز يَقُولُونَ لَهَا : حُدَيَّة يشددون الْيَاء وَلَا يهمزون ، وَالْجمع حَدَاوِي .

وعن أَبِي حَاتِمٍ : أَهْلُ الْحِجَازِ يَقُولُونَ لِهَذَا الطَّائِرِ : الْحُدَيَّا وَيَجْمَعُونَهُ الْحَدَاويَّ وَكِلَاهُمَا خَطَأٌ.


(5) "الحِدَأ" بِكَسْر الْحَاء وَفَتْحِ الدال بَعْدَهَا هَمْزَةٌ بِغَيْرِ مَدٍّ :

هكذا جَاءَ فِي بعض طرقه فِي الصَّحِيحَيْنِ ، وَهُوَ جمع حِدَأة ، أَو هو مفردٌ على قصد التَّذْكِير. [مطالع الأنوار على صحاح الآثار2/241، مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/184، فتح الباري لابن حجر 4/38]

في "مشارق الأنوار على صحاح الآثار" (1/184) : ذكر فِي حَدِيث الفواسق (الحِدَأة) بِكَسْر الْحَاء وَفتح الدَّال والهمز مَقْصُور ، ولَا يُقَال إِلَّا بِكَسْر الْحَاء . وَقد جَاءَ فِي بعض طرقه فِي "الصَّحِيحَيْنِ" (الْحِدَأ) مقصور مَهْمُوز بِغَيْر تَاء ، وَهُوَ جمع حِدَأة أَو على قصد التَّذْكِير .

وفي "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (4/207) : والحدأة، بكسر الحاء مهموز، والجمع حِدأٌ مقصور مهموز، وكذا جاء فى بعض الروايات، وقد يكون مفرداً يراد به المذكر.


التنبيه الثالث : نماذج من بعض التصحيفات الواقعة في الشروح

(1) في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (4/ 207) :

... وأما رواية " الحديا " فكذا جاء هنا مقصوراً. قال ثابت: وصوابه الهمز على معنى التذكير، وإلا فحقيقته : الحدياةُ (6)، وكذا قيده الأصيلي في صحيح البخاري فى موضع (7) أو " الحدية " على التسهيل والإدغام.

(6) فى الأصل: الحديئة، والمثبت من س. (7) البخارى، ك الصلاة، ب نوم المرأة فى المسجد 1/ 119.

صوابه : وإلا فحقيقته : الحُدَيئةُ ، وكذا قيده الأصيلي في صحيح البخاري فى موضع [في أيام الجاهلية] .

والدليل : ما في "مطالع الأنوار" (2/241) :  قال ثابت: وصواب تصغيره : الحُدَيْئة كالتُّمَيْرَةُ، وكذا رواه الأصيلي وغيره في أيام الجاهلية .

وما في "مشارق الأنوار" (1/184) : وَقَيده - الأصيلي- فِي أول الحَدِيث بِزِيَادَة التَّاء ، وَغَيرُه قَيده فيهمَا هُنَاكَ (حُديئة) على وزن فُعَيلة بِسُكُون الْيَاء مثل تُميرة، وَكَذَا قَيده هُوَ فِي هَذَا الحَدِيث فِي بَاب أَيَّام الْجَاهِلِيَّة .

وما في "طرح التثريب في شرح التقريب" (5/67) : قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : قَالَ ثَابِتٌ : الْوَجْهُ فِيهِ الْهَمْزُ عَلَى مَعْنَى التَّذْكِيرِ ، وَإِلَّا فَحَقِيقَتُهُ حُدَيئة ، وَكَذَا قَيَّدَهُ الْأَصِيلِيُّ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي مَوْضِعٍ [أو] الْحُدَيَّةِ عَلَى التَّسْهِيلِ وَالْإِدْغَامِ .انْتَهَى

(2) وفي "فتح الباري" (6/354) :

... وَعَن ابن أَبِي حَاتِمٍ : أَهْلُ الْحِجَازِ يَقُولُونَ لِهَذَا الطَّائِرِ الْحُدَيَّا وَيَجْمَعُونَهُ الْحَدَادِيَّ وَكِلَاهُمَا خَطَأٌ .

صوابه : وَيَجْمَعُونَهُ الْحَدَاوِي -بالواو- .و(ابن) زائدة ، فهو أبو حاتم السجستاني اللغوي .

والدليل : ما في "المغرب في ترتيب المعرب" (1/105) : وَعَنْ أَبِي حَاتِمٍ السِّجستاني : أَهْلُ الْحِجَازِ يَقُولُونَ لِهَذَا الطَّائِرِ :"الْحُدَيَّا" وَيَجْمَعُونَهُ "الْحَدَاوِي" ، قَالَ : وَكِلَاهُمَا خَطَأٌ.

وما في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (4/ 196) : وَأهل الْحجاز يَقُولُونَ لَهَا : حُدَيَّة يشددون الْيَاء وَلَا يهمزون ، وَالْجمع حَدَاوِي .

(3) وفي "طرح التثريب في شرح التقريب" (5/67) :

الْحِدَأَةُ مَعْرُوفَةٌ وَهِيَ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْهَمْزِ ، وَجَمْعُهَا حِدَاءٌ بِكَسْرِ الْحَاءِ مَقْصُورٌ مَهْمُوزٌ كَعِنَبَةٍ وَعِنَبٍ ...

صوابه : وَجَمْعُهَا حِدَأ بغير مد ، وقد يكتبونها : حِدَء ، وقد ورد هذا الجمع محرَّفا بالمد في كثير من الشروح .

والدليل : الوزن الذي ذكره للجمع (عِنَب) ، ليس فيه مد .

والشعر الذي أورده في "مقاييس اللغة" (2/ 35) : ...فَالْحِدَأَةُ الطَّائِرُ الْمَعْرُوفُ، وَالْجَمْعُ الْحِدَأُ. قَالَ الشاعر: كَمَا تَدَانَى الْحِدَأُ الْأُوِيُّ .

وما في "إكمال المعلم" (4/207) : والحدأة، بكسر الحاء مهموز، والجمع حِدأٌ مقصور مهموز .

وما في البحر المحيط الثجاج (22/298) : (الْحِدَأةُ) مقصورًا، بوزن عِنَبة، واحدة (الْحِدَإ) بكسر أوله، وفتح ثانيه، بعدها همزة بغير مدّ، وحكى صاحب "المحكم " المدّ فيه نُدورًا .

(4) وفي "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (5/1856) :

وَالْحُدَيَّا تَصْغِيرُ حدّ لُغَةٌ فِي الْحِدَأِ ...

صوابه : وَالْحُدَيَّا تَصْغِيرُ حِدَوْ لُغَةٌ فِي الْحِدَإ .

والدليل : ما في "تهذيب اللغة" للأزهري (5/121) : والحُدَيَّا تَصْغِير الحِدَوْ ، لغة في الحِدَأ ".

وما في "المُغرِب في ترتيب المعرَب" (1/105) : وَرَوَى الْبُخَارِيُّ "الْحُدَيَّا" تَصْغِيرُ الْحِدَوِّ : لُغَةٌ فِي الْحِدَأ .

(5) وفي "نخب الأفكار شرح معاني الآثار" (9/276) :

قوله: "والحداءة" بكسر الحاء وبعد الدال ألف ممدودة بعدها همزة مفتوحة، وجمعها "حِدَء" مثل عِنب و"حدّان" كذا في "الدستور" .

صوابه : و"حِدْءان" ...

والدليل : ما قاله الصفدي في "تصحيح التصحيف " (ص85): وقرأت في كتاب "أدب الكاتب" في جماعة الحِدَأة: (حِدْآنٌ) ، فردّ عليّ أبو عليّ: (حِدّان) بتشديد الدال، فراجعته وقلت: إنّ التشديد لا أصلَ له، فقال: هو من الجمع الشاذّ. قال: ولا أحسِبُ الذي ذكَرَهُ إلا غلَطاً.

وما في "تاج العروس" (1/188) : ويجمع على (حِدْآن) بالكَسْرِ، أَورده ابنُ قُتَيْبَة .

 

 

هذا غيض من فيض ، يكفي للتنبيه على ضرورة المراجعة والتفتيش

 

جمعه ورتبه العاجز : محمد طلحة بلال أحمد منيار

27/7/2020

Comments

Popular posts from this blog

جنت میں جانے والے جانور

اللہ تعالی کی رضا اور ناراضگی کی نشانیاں

جزی اللہ محمدا عنا ما ھو اھلہ کی فضیلت