قولهم في التخريج : (لم أجده) بين الحنفية والشافعية



قولهم في التخريج : (لم أجده) بين الحنفية والشافعية

على الرغم من الخلافيات الفقهية والأصولية بين الحنفية والشافعية ، والمناقشات والردود التي نراها في كتب الفريقَين ، إلا أن الشافعية يوافقونا في كثير من الأمور ، منها : أن فقهاء الشافعية أيضا أحيانا : يروُون الأحاديث بالمعنى دون اللفظ ، أو نجد في كتبهم أحاديثَ لم يَجِد المخرّجون أصلَها .
وهو حُجَّة على من يطعن في كتب الفقه الحنفي ومصنفيها أنهم لا يضبطون ألفاظ الرواية ، فيروُون بالمعنى ، أو يروون أحاديثَ لا وجود لها . وهو ظلم وإغماضٌ عن وجود أمثاله في كتب الفقه الشافعي وغيرها من المذاهب الأخرى .
على سبيل المثال نأخذ كتاب (التلخيص الحَبير في تخريج أحاديث الشرح الكبير) للحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي ، وهو تخريج للأحاديث التي أوردها الإمام عبد الكريم الرافعي الشافعي في شرح كتاب (الوجيز في الفقه) للإمام الغزالي ، وهو المسمى بـ "فتح العزيز في شرح الوجيز".

تنبيه : اشتَهَر كتاب ابن حجر بهذا الاسم (التلخيص الحبير) . مع أن الاسم الذي سمَّاه به مصنفه وذكره تلامذتُه هو (التمييز في تخريج أحاديث شرح الوجيز) فليُعلم . ثم إن تسميته بـ (تلخيص الحبير) من الأخطاء التي درج عليها الناس ، وهو على الصواب (التلخيص) مُعَرَّفا .
أقول : سوف نجد في "التلخيص الحبير" أمثلة كثيرة لأحاديث أوردها الرافعي في شرحه بالمعنى ، وهي التي يقول عنها ابن حجر : "لم أجده بهذا اللفظ" ، أو "لم أجده هكذا" ، أو "لم أره هكذا" . أو أحاديث لم يقف ابن حجر على مصدرها فيقول: "لم أجده" ، أو "لا أصل له" .
 3 - حَدِيثُ: رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «خَلَقَ اللَّهُ الْمَاءَ طَهُورًا لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ، إلَّا مَا غَيَّرَ طَعْمَهُ، أَوْ رِيحَهُ» لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ بِلَفْظِ: «إنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» وَلَيْسَ فِيهِ خَلَقَ اللَّهُ، وَلَا الِاسْتِثْنَاءُ.
19 - قَوْلُهُ: وَيُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ شَرِبَ دَمَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ أَجِدْهُ.
وَفِي الْبَابِ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ السَّائِبِ...
54 - قَوْلُهُ: رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا غَطَّى لِحْيَتَهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: اكْشِفْ لِحْيَتَكَ، فَإِنَّهَا مِنْ الْوَجْهِ» لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا، نَعَمْ ذَكَرَهُ الْحَازِمِيُّ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الْمُهَذَّبِ، فَقَالَ: هَذَا الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ، وَلَهُ إسْنَادٌ مُظْلِمٌ، وَلَا يَثْبُتُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ شَيْءٌ ...
62 - قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ امْرِئٍ حَتَّى يَضَعَ الطَّهُورَ مَوَاضِعَهُ فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ، ثُمَّ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَمْسَحَ رَأْسَهُ، ثُمَّ يَغْسِلَ رِجْلَيْهِ» ، لَمْ أَجِدْهُ بِهَذَا اللَّفْظِ ...
137 - حَدِيثُ: رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَمَخَّرُ الرِّيحَ، أَيْ يَنْظُرُ أَيْنَ مَجْرَاهَا لِئَلَّا يَرُدَّ عَلَيْهِ الْبَوْلَ» لَمْ أَجِدْهُ مِنْ فِعْلِهِ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِ عِنْدَ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ...
196 - حَدِيثُ: رَوَى «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ بِثُلُثِ مُدٍّ» . لَمْ أَجِدْهُ، وَالْمَعْرُوفُ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ: «تَوَضَّأَ بِنَحْوِ ثُلُثَيْ الْمُدِّ» .
199 - قَوْلُهُ: الْمَرَضُ مُبِيحٌ لِلتَّيَمُّمِ فِي الْجُمْلَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمَعْنَى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى فَتَيَمَّمُوا. لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا، وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «رُخِّصَ لِلْمَرِيضِ التَّيَمُّمُ بِالصَّعِيدِ»
205 - حَدِيثُ: «لَيْسَ لِلْمَرْءِ مِنْ عَمَلِهِ إلَّا مَا نَوَاهُ» هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ لَمْ أَجِدْهُ، وَلِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: «أَنَّهُ لَا عَمَلَ لِمَنْ لَا نِيَّةَ لَهُ، وَلَا أَجْرَ لِمَنْ لَا حِسْبَةَ لَهُ» ذَكَرَهُ فِي بَابِ السِّوَاكِ بِالْإِصْبَعِ، وَفِي سَنَدِهِ جَهَالَةٌ ...
223 - حَدِيثُ: رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «تَمْكُثُ إحْدَاكُنَّ شَطْرَ دَهْرِهَا لَا تُصَلِّي» لَا أَصْلَ لَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ. قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْدَهْ فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي الْإِلْمَامِ عَنْهُ: ذَكَرَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ وَلَا يَثْبُتُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ.
242 - قَوْلُهُ: مَذْهَبُ عُمَرَ: مَنْ جَامَعَ فِي الْحَيْضِ فَعَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ " لَمْ أَجِدْهُ عَنْ عُمَرَ هَكَذَا، لَكِنْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَبْت امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ. فَأَمَرَهُ أَنْ يُعْتِقَ النَّسَمَةَ وَقِيمَةُ النَّسَمَةِ يَوْمَئِذٍ دِينَارٌ» .
358 - .... حَدِيثُ: «إذَا كُنْتُمْ خَلْفِي فَلَا تَقْرَءُوا إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ.
قَوْلُهُ: وَلِهَذَا الْحَدِيثِ سَبَبٌ، وَهُوَ «أَنَّ أَعْرَابِيًّا رَاسَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِرَاءَةِ {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} فَتَعَسَّرَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ، فَلَمَّا تَحَلَّلَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ: ذَلِكَ» . لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا ، وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ...
370 - حَدِيثُ عَلِيٍّ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ مَعَ الدُّعَاءِ الْمَذْكُورِ يَعْنِي فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي أَوْفِي «أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ وَكُلُّنَا لَك عَبْدٌ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ» لَمْ أَجِدْهُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ، بَلْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِتَمَامِهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ .
379 - (50) - حَدِيثُ «عَائِشَةَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سُجُودِهِ كَالْخِرْقَةِ الْبَالِيَةِ» . لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا ، وَقَالَ التَّقِيُّ بْنُ الصَّلَاحِ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْوَسِيطِ: لَمْ أَجِدْ لَهُ بَعْدَ الْبَحْثِ صِحَّةً، وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ فَقَالَ فِي التَّنْقِيحِ: مُنْكَرٌ لَا أَصْلَ لَهُ ...
575 - حَدِيثُ: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، وَلَوْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ أَجْدَعُ مَا أَقَامَ فِيكُمْ الصَّلَاةَ» هَكَذَا أَوْرَدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا، وَقَوْلُهُ فِي آخِرِهِ: «مَا أَقَامَ فِيكُمْ الصَّلَاةَ» لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا، وَهُمْ احْتَجُّوا بِهِ عَلَى صِحَّةِ إمَامَةِ الْعَبْدِ فِي الصَّلَاةِ، فَيَحْتَاجُ إلَى صِحَّةِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ .
603 - حَدِيثُ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُهُ فَيَرَى أَبَا بَكْرٍ فِي الصَّلَاةِ، فَيَقْتَدِي بِهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَفْعَلُهُ. لَمْ أَجِدْهُ.
777 - حَدِيثُ: رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَنَا أَكْرَمُ عَلَى رَبِّي مِنْ أَنْ يَتْرُكَنِي فِي قَبْرِي بَعْدَ ثَلَاثٍ» وَكَذَا أَوْرَدَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي نِهَايَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَرُوِيَ أَكْثَرُ مِنْ يَوْمَيْنِ، لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا، لَكِنْ رَوَى الثَّوْرِيُّ فِي جَامِعِهِ عَنْ شَيْخٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: «مَا يَمْكُثُ نَبِيٌّ فِي قَبْرِهِ، أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً حَتَّى يُرْفَعَ» .
779 - حَدِيثُ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَدْفِنَ أَصْحَابَهُ فِي الْمَقَابِرِ» . لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا، لَكِنْ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّهُ أَتَى الْمَقْبَرَةَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ» وَفِي هَذَا الْبَابِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ .
784 - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُلَّ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ سَلًّا» . لَمْ أَجِدْهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، إنَّمَا هُوَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَعَلَّهُ مِنْ طُغْيَانِ الْقَلَمِ ...
% حَدِيثُ عَائِشَةَ: أَنَّهَا قَالَتْ: «لَا زَكَاةَ فِي اللُّؤْلُؤِ» . لَمْ أَجِدْهُ عَنْهَا، وَلَكِنْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ مَوْقُوفًا أَيْضًا وَهُوَ مُنْقَطِعٌ .
974 - حَدِيثٌ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُحْرِمْ إلَّا مِنْ الْمِيقَاتِ» . هَذَا لَمْ أَجِدْهُ مَرْوِيًّا هَكَذَا عِنْدَ أَحَدٍ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَ بِالِاسْتِقْرَاءِ مِنْ حَجَّتِهِ وَمِنْ عُمْرَتِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ كَبِيرٌ.

عشرون أخرى من "التلخيص الحبير" :
% قُلْت : قَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ صَاحِبُ "الْحَاوِي" مِنْ حَدِيثِ أَبِي خَيْرَةَ بِلَفْظٍ آخَرَ وَهُوَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَاكُ بِالْأَرَاكِ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ اسْتَاكَ بِعَرَاجِينِ النَّخْلِ فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتَاكَ بِمَا وَجَدَ . وَهَذَا بِهَذَا السِّيَاقِ لَمْ أَرَهُ
43 - حَدِيثٌ: رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَلَيْسَ في الشت وَالْقَرَظِ وَالْمَاءِ مَا يُطَهِّرُهُ" قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: هَذَا بِهَذَا اللَّفْظِ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ.
% قَوْلُهُ : وَيُرْوَى فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: "لَا وُضُوءَ كَامِلًا لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ" لَمْ أَرَهُ هَكَذَا لَكِنَّ مَعْنَاهُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ.
61 - حَدِيثُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَمَّا أَنَا فَأَحْثِي عَلَى رَأْسِي ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ ثُمَّ أُفِيضُ فَإِذَا أَنَا قَدْ طَهُرْتُ" ... وَقَوْلُهُ: "فَإِذَا أَنَا قَدْ طَهُرْتُ" لَا أَصْلَ لَهُ مِنْ حَدِيثٍ صَحِيحٍ وَلَا ضَعِيفٍ
91 - حَدِيثُ: "إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ" قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَكُنَّا نَغْسِلُ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْدِينَا إلَى الْآبَاطِ. لَمْ أَرَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ
100 - قَوْلُهُ: الْأَحَبُّ فِي كَيْفِيَّةِ تَخْلِيلِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ أَنْ يَجْعَلَ خِنْصَرَ الْيَدِ الْيُسْرَى مِنْ أَسْفَلِ الْأَصَابِعِ مُبْتَدِيًا بِخِنْصَرِ أَصَابِعِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى مُخْتَتِمًا بِخِنْصَرِ الْيُسْرَى ، وَرَدَ الْخَبَرُ بِذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ لَا أَصْلَ لَهَا
164 - حَدِيثُ عَائِشَةَ : أَصَابَتْ يَدِي أَخْمَصَ قَدَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ قَالَ: "أَتَاكِ شَيْطَانُكِ". هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا السِّيَاقِ لَمْ أَرَهُ بِلَفْظِهِ
286 - حَدِيثُ: "إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ بِأَرْضٍ فَلَاةٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ صَلَاةٍ فَإِنْ صَلَّى بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ صَلَّى وَحْدَهُ وَإِنْ صلى بإقامة صلى بِإِقَامَتِهِ وَصَلَاتِهِ مَلَكَاهُ وَإِنْ صَلَّى بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ صَلَّى خَلْفَهُ صَفٌّ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَوَّلُهُمْ بِالْمَشْرِقِ وَآخِرُهُمْ بِالْمَغْرِبِ". هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ لَمْ أَرَهُ
% قَوْلُهُ: وَقِيلَ: يَرْفَعُ غَيْرَ مُكَبِّرٍ ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَدَاهُ قَارَّتَانِ ثُمَّ يُرْسِلُهُمَا فَيَكُونُ التَّكْبِيرُ بَيْنَ الرَّفْعِ وَالْإِرْسَالِ ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ . لَمْ أَرَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ
354 - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَمَّنَ أَمَّنَ مَنْ خَلْفَهُ حَتَّى إنَّ لِلْمَسْجِدِ ضَجَّةً. لَمْ أَرَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ لَكِنْ رَوَى مَعْنَاهُ ابْنُ مَاجَهْ
434 - حَدِيثُ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُتَّخَذَ الْقُبُورُ مَحَارِيبَ. لَمْ أره بهذه اللَّفْظِ
625 حَدِيثُ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بِالْمَدِينَةِ وَلَمْ يَجْمَعْ بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ . لَمْ أَرَهُ هَكَذَا
627 حَدِيثُ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ الْجُمُعَةَ إلَّا بِخُطْبَتَيْنِ . لَمْ أَرَهُ هَكَذَا
633 حَدِيثُ: أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الزَّوَالِ لَمْ أَرَهُ هَكَذَا وَفِي الْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ :كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ صَلَّى الْجُمُعَةَ . وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَأَمَّا الْخُطْبَةُ فَلَمْ أَرَهُ
% قَوْلُهُ : نَقَلَ الْعِرَاقِيُّونَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يَلْبَسْ مَا صُبِغَ بَعْدَ النَّسْجِ . لَمْ أَرَهُ هَكَذَا
662 - حَدِيثُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَمَّمُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ . لَمْ أَرَهُ هَكَذَا
% قوله : ومن مندوباتها أن لا يَصِلَ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ بِنَافِلَةٍ بَعْدَهَا لَا الرَّاتِبَةَ وَلَا غَيْرَهَا، وَيَفْصِلُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرَّاتِبَةِ بِالرُّجُوعِ إلَى مَنْزِلِهِ أَوْ بِالتَّحْوِيلِ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ أَوْ بِكَلَامٍ وَنَحْوِهِ ، ذَكَرَهُ فِي التَّتِمَّةِ وَثَبَتَ فِي الْخَبَرِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا . لَمْ أَرَهُ فِي الْأَحَادِيثِ هَكَذَا
% قَوْلُهُ : يُرْوَى أَنَّ أَوَّلَ عِيدٍ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِيدَ الْفِطْرِ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَلَمْ يَزَلْ يُوَاظِبُ عَلَى الْعِيدَيْنِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا، وَلَمْ يُصَلِّهَا بِمِنًى لِأَنَّهُ كَانَ مُسَافِرًا كَمَا لَمْ يُصَلِّ الْجُمُعَةَ . هَذَا لَمْ أَرَهُ فِي حَدِيثٍ لَكِنْ اشْتَهَرَ فِي السِّيَرِ
% قَالَ : وَاسْتُدِلَّ لِذَلِكَ بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْعِيدِ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُصَلَّى وَيَقْضِيَ الصَّلَاةَ ، انْتَهَى . وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : "وَيَقْضِي الصَّلَاةَ" لَمْ أَرَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ
689 حَدِيثُ: رَوَى أَنَسٌ أَنَّهُ لَا يَطْعَمُ فِي عِيدِ الْأَضْحَى حَتَّى يَرْجِعَ وَيَطْعَمُ فِي عِيدِ الْفِطْرِ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى الصَّلَاةِ .قُلْت: لَمْ أَرَهُ عَنْ أَنَسٍ وَهُوَ عند الطَّبَرَانِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ
هذه أربعون مثالا ، ولم أرد الاستقصاء ، وهي غَيض من فَيض ، أحببت أن أنبه بها مَن يعيب الحنفية بمثلها ، مع أنها موجودة عند الفقهاء عموما ، وليست بعيب في حق فقهاء الحنفية ولا الشافعية فإن الحديث ليس من اختصاصهم ، فيقع لهم الوهم والغلط ، وجَلَّ من لا يَسهُو . ومن يرمي الناس بالحجارة ينبغي أن ينتبه لبيته الزجاجي .

ذيول وتتمات :
أشار عليَّ الأخ الفاضل المحبّ محمد ياسر عبد الله أن أتمم هذا البحث ببعض النقاط الأخرى المتعلقة به ، مما ذكره الإمام اللكنوي أو العلامة شبير أحمد العثماني وشيخنا أبو غدة رحم الله الجميع ، فاستحسنته ، وحاولتُ تلبيةَ مُلتَمَسه بما يلي :

لكل فن رجالٌ :
قال الإمام اللكنوي في مفتتح كتابه "الآثار المرفوعة" : فَإِن الله تَعَالَى جعل لكل مقَام مقَالا وَخلق لكل فن رجَالًا، فكم من فَقِيهٍ غائصٍ فِي بحار الْعُلُوم القاسية عَارٍ عَن تنقيد الْأَدِلَّة الْأَصْلِيَّة، وَكم من مُحدّث نقَّادٍ عَارٍ عَن تَفْرِيع الْفُرُوع الْفِقْهِيَّة وتأصيلها على الْقَوَاعِد الْأَصْلِيَّة، وَكم من مُفَسّرٍ خائضٍ فِي الْقُرْآن لَا تَمْيِيز لَهُ فِي معرفَة الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة والسقيمة، وَلَا امتياز لَهُ بَين الْمَشْهُورَة وَبَين المصنوعة، وَكم من صوفي سابحٍ فِي بحار الْعُلُوم اللدُنية عَاجزٍ عَن دَرك مَا يتَعَلَّق بالعلوم الظَّاهِرِيَّة، وَكم من عَالم متبحّرٍ جَامعٍ للعلوم الظَّاهِرَة لَا مذاق لَهُ فِي اللطائف الْبَاطِنَة، فَإِذن الْوَاجِبُ أَن نُنزل النَّاس مَنَازِلهمْ ونوفيهم حظَّهم ونعرفَ مرتبتهم وقدرهم، فَلَا نعرّج الْأَدْنَى إِلَى رُتْبَة الْأَعْلَى، وَلَا نُنزل الْأَعْلَى إِلَى مرتبَة الْأَدْنَى ...

حال الأحاديث في الكتب الفقهية :
جاء في الأجوبة الفاضلة لللكنوي ص 29 :
ومن هنا نصُّوا على أنه لا عبرة للأحاديث المنقولة في الكتب الفقهية المبسوطة ، ما لم يظهر سندُها ، أو يُعلم اعتمادُ أرباب الحديث عليها ، وإن كان مصنفها فقيها جليلا يُعتَمد عليه في نقل الأحكام وحكم الحلال والحرام .
ألا ترى إلى صاحب "الهداية" من أجِلَّة الحنفية ، والرافعي شارح "الوجيز" من أجِلَّة الشافعية ... قد ذكرا في تصانيفهما ما لا يوجد له أثرٌ عند خبير بالحديث يُستفسَر ، كما لا يخفى على مَن طالع "تخريج أحاديث الهداية" للزيلعي و"تخريج أحاديث شرح الرافعي" لابن حجر العسقلاني ، وإذا كان حال هؤلاء الأجلَّة هذا ، فما بالُك بغيرهم من الفقهاء الذين يتساهلون في إيراد الأخبار ، ولا يتعمَّقون في سَنَد الآثار .
ولذا قال علي القاري في رسالة "الموضوعات" : حديثُ (قضاء الصلوات في آخر رمضان) باطلٌ قطعا ، ولا عبرة بنقل صاحب "النهاية" وغيره من بقية شُرّاح "الهداية" فإنهم ليسوا من المحَدّثين ، ولا أسندوا الحديث إلى أحد من المخرّجين . اهـ
ونقل شيخُنا في الحاشية تعليقا للكنوي على كلام علي القاري المذكور ونصه : وهذا الكلام من القاري أفاد فائدةً حسنةً ، وهي أن الكتب الفقهية وإن كانت معتَبَرة في أنفُسها بحسب المسائل الفرعية ، وكان مصنفوها أيضا من المعتبرين والفقهاء الكاملين : لا يُعتمد على الأحاديث المنقولة فيها اعتمادا كليا ، ولا يُجزَم بورودها وثبوتها قطعا بمجرد وقوعها فيها ...

فقه الراوي وروايته بالمعنى :
وجاء في الأجوبة الفاضلة ص 218 :
كان كثير من الصحابة مُكتفِين برواية المعنى غير ملتزمين للمبنى ، فيظهر التفاوتُ بالفقه عند ذلك وإن لم يظهر هنالك ، مع أن الاعتناء بالألفاظ وإن كان موجودا في الصحابة ، لكنه مفقودٌ فيمن بعدهم من الرواة والأئمة ، فإنهم جوَّزوا الرواية بالمعنى من دون الاعتناء بالمبنى ، وهو مذهب أكثر الفقهاء والمحدثين خلافا لطائفة منهما ، فلا بُدَّ أن يعتَبر الترجيح بنَقَادتهم في الفقه ومقدار تأملهم وأفهامهم .

تميّزُ مسلم على البخاري بالمحافظة على اللفظ في الرواية :
جاء في "قواعد في علوم الحديث" ص 451 تحت هذا العنوان :
10 قال الحافظ في "الفتح" في حديث : (لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ) ما نصه : إنَّ الْبُخَارِيَّ كَتَبَهُ مِنْ حِفْظِهِ وَلَمْ يُرَاعِ اللَّفْظَ كَمَا عُرِفَ مِنْ مَذْهَبِهِ فِي تَجْوِيزِ ذَلِكَ ، بِخِلَافِ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ يُحَافِظُ عَلَى اللَّفْظِ كَثِيرًا ، وَإِنَّمَا لَمْ أُجَوِّزْ عَكْسَهُ لِمُوَافَقَةِ مَنْ وَافَقَ مُسْلِمًا عَلَى لَفْظِهِ بِخِلَافِ الْبُخَارِيِّ . اهـ
قلت : وهذه مزية عظيمة لمسلم امتازَ بها ، كما امتاز بحُسن سِياقه للحديث وجمعه طرقه كلَّها في مكان واحد ، ومن هنا رَجَّح بعضُهم "كتاب مسلم" على "كتاب البخاري" .

الجواب عن الطعن في رجال الصحيحين لا يتمشى إلا على مذهب الأحناف :
وجاء في الكتاب السابق ص 435 :
هذا ، وإنما أطلنا الكلام في هذا المقام ، ليعلم المستفيدُ أن الجرح لا يؤثر في الراوي مطلقا ، بل منه ما يؤثر ، ومنه ما لا يؤثر أصلا ، والذي يؤثر ربما يُسقط الراوي عن درجة الاحتجاج به ، وربما لا يسقطه عنها . ومن طالع وتدبَّر هذا الفصلَ ، حصلت له مَلَكةُ السَّبر والنقد في الجروح إن شاء الله .
ويُعلَم منه أيضا أن الجواب عن طعن الطاعنين في رجال البخاري ومسلم ، لا يتمَشَّى أكثرُه إلا على أصول الأئمة الأحناف دون عامة المحدثين ، فإن الجرح والتعديل إذا كان مُبهَما فالثقةُ والضعيفُ عندهم مَن وثّقه أو ضعَّفه الأكثرون ، وعندنا إذا كان الجرح والتعديل مبهما يقَدَّم التعديل ، كما مر .

موافقة اجتهادات البخاري في صحيحه لفقه الحنفية :
في مقدمة شيخنا أبي غدة على كتب "كشف الالتباس عما أورده البخاري على بعض الناس " للميداني ص 9 :
قال شيخنا العلامة المحدث الفقيه محمد بدر عالم في مقدمته لكتاب شيخه الكشميري "فيض الباري" ص 58 : واعلم أن البخاري مجتهدٌ لا ريبَ فيه ، وما اشتَهَر أنه شافعي فلمُوافقته إياه في المسائل المشهورة ، وإلا فموافقته للإمام الأعظم  أبي حنيفة ليس بأقل مما وافق فيه الشافعي .
وصَنَع شيخُنا رحمه الله (أي بدر عالم) في ختام الفهارس التي صَنَعها بكتاب "فيض الباري" فهرساً خاصا يكشِف فيه كثرةَ موافقة الإمام البخاري في اجتهاداته الفقهية لفقه الحنفية ، فقال رحمة الله تعالى عليه :
فهرس الأبواب التي وافق فيها البخاري أئمةَ الحنفية في الفروع المختلفة ، إما صراحة ، أو بناء عليه ، والنوع الثالث ما يتردَّد فيه النظر ، وإنما ذكرته في عِداد الموافقة  لكونه محتَمَل كلامه ، ولم أعطف إلى عدّ موافقته فيما اتفق عليه الأئمة . واكتفيت بذكر موافقاته من النوع الأول فقط ، فراجع تفصيله من تلك الأبواب ، وأرجو من الله سبحانه أن أكون أنا انتهجتُ هذا المنهج ، وابتكرتُ هذا المسلك ، ولا فخرَ ، وإنما أردتُ به نعياً على تحامُل القوم الذين يزعمون أن لا حظَّ للحنفية في الحديث ، تلك أمانيّهم ، فليعلموا أن مثل البخاريّ أيضا قد وافق فقهَ الحنفية في كثير من الأبواب ، ولو ادَّعى أحدٌ أن موافقاته ليست بأقل مما خالفهم فيه ، لم يكذب إن شاء الله تعالى ، فهذه أنموذجة لذلك ، ومن شاء فليحسُب ولا يَرهَب . اهـ   .
فذكر العلامة بدر عالم نحو (45) مسألة من موافقات البخاري .

من المراد بـ(قال بعض الناس) في البخاري؟
قال الإمام محمد أنور شاه الكشميري رحمه الله تعالى في "فيض الباري" 3:54 في كتاب الزكاة في : ( بابٌ في الرِّكاز ... وقال بعض الناس ...) : واعلم أن هذا أولُ موضع استعمل المصنف فيه هذا اللفظ، ولم يردْ به أبا حنيفة في جميع المواضع، كما زُعم، وإن كان المراد ههنا هو الإِمام الهُمَام، بل المراد في بعضها: عيسى بن أبان، وفي بعضٍ آخر الشافعي نفسه، وفي آخر محمد. ثم لا يستعمله المصنف للرد دائمًا، بل رأيته قد يقول: "بعض الناس" ثم يختاره، وقد يتردَّد فيه.
وقال الكشميري في "العرف الشذي" ص 289 : مسألةُ الركاز أول المسائل التي اعتَرَض فيها البخاري على أبي حنيفة، وذكَر بـ(بعض الناس) في اثنين وعشرين موضعاً، وقال الشافعية: إن مرادَ البخاري ببعض الناس أبو حنيفة في جميع المواضع، وأن مرادَه في جميع المواضع الرد . أقول: إن الزَّعمَينِ ليسا بصحيحين ، فإنه قد يذكر (بعض الناس) ويختار تلك المسألة كما في سورة الرحمن كما يدل عليه سياقه وسباقه ، وكما يظهر لمن تتبَّع في "صحيحه" ، وأيضاً قد يعبر ببعض الناس ويريد به محمد بن حسن ، وقد يريد عيسى بن أبان تلميذ محمد، وكذلك يريد زُفر بن الهذيل ، وقد يريد الشافعي كما سيظهر في البخاري.
وقال الأستاذ الدكتور عبد المجيد محمود الشافعي في كتابه " الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري" ص 577 :
رأينا في الفصل السابق كيف أن ابن أبي شيبة قد وجّه نقده إلى أبي حنيفة على وجه الخُصوص . أما البخاري فالخصومة بينه وبين أهل الرأي خصومةٌ عامةٌ لا تقتصر على أبي حنيفة ، بل نقدُه قد يكون موَجَّها إليه ، وقد يكون موَجَّها إلى غيره من أصحابه ، ولذلك لم يصرّح باسم مخالفه أو صفته ، وإنما عبَّر عنه بقوله : (وقال بعض الناس) . انتهى من مقدمة شيخنا على "كشف الالتباس" .

انتهت التتمات المضافة

حرره العبد الضعيف محمد طلحة بلال أحمد منيار
الأربعاء غرة ربيع الأول 1441 هـ

Comments

Popular posts from this blog

اللہ تعالی کی رضا اور ناراضگی کی نشانیاں

جنت میں جانے والے جانور

تخریج حدیث : النکاح من سنتی